آلية الاستفادة من أيام عشر ذي الحجة
-
تاريخ النشر : 07/12/34 06:47:00 ص
*- آلية الاستفادة من هذه الأيام العشر -*
أحبُّ على عجلٍ أنْ أُسْهِمَ بشكلٍ أرجُو أنْ يكونَ نافعًا عَن كيفيةِ الاستفادةِ مِنْ هذه الأيام الفاضلة التي هي أفضل أيام السنة ؛ بطريقةٍ أحسِبها سهلة ويسيرة ، وقبل ذلك أشيرُ إلى أنَّ المسلمَ الفطنَ هو من نظر إلى مواسم الخيرِ نظرةً واعيةً ، وأنها فُـرَصٌ مُـثلى للارتقاء والتزود الإيماني الذي يُـفضِي إلى التغير السلوكي الحسن ، وإلى القُـرْبِ قَـدَر الإمكانِ من تطبيق الصورة الحقيقة للإسلام ، فكما أنَّ الإنسانَ يسعى إلى تطويرِ مَادِيَّــتِــه سواءً كانت ذاتـِـيَّــتُـه أو أمتعـتُـه .. وكما أنَّ الإنسانَ يسعى إلى تطوير شركته وتحسين أداء مُوَظَّـفِـيه .. وهَلُمَّ جَـرَّا ، فينبغي للمسلمِ أنْ يَـهتمَّ بزيادةِ إيمانه وقوته ، وتطويرِ أداء أخلاقه ومخالطته .. درجة أشد من تلك ؛ لأنَّه المعيار الحقيقي الذي به النجاة والرفعة ، والغائـيَّـةُ الخَـلْقيةُ من وُجُـودِه ، فحَـرِيٌّ أن يجهد المسلمُ نفسَه للبلوغ ، والتطلع لسلامة الوصول .
إذا سُئِلتُ عن كيفية استغلال هذه الأيام ؛ فسأختارُ هذه الطريقة - للأعم الأغلب من المسلمين - وهي : الاهتمام بـ(دائرة الموجود)«١» ، ورفع العيار التطبيقي له أكثرَ منهُ قبلَ هذه الأيام ، وتعزيزه ، وهذه الطريقة إنما اخترْتُـها وركنْتُ إليها جرّاء النظرة التي أحسِبها "صحية" لنفوسنا وواقع أغلبنا ، وحتى لا يضيع (الموجود) بطلب (المفقود)«٢» أو يقل ، فليس إيماننا كإيمان سلفنا الصالح - عليهم رضوان الله - فيَسْهُل علينا أن نضيفَ من الطاعاتِ في غمضةِ عينٍ وانتباهتِها الشيءَ الكثير ، ومن القُـرُباتِ الـجَـمَّ الغفِير ، كما كان مجاهد ونحوه ممن يُحكى عنهم عدمَ قدرةِ معاصريهم على إطاقة أفعالهم ، وإننا إذا تحدثنا على رءوس العامةِ بمثل هذه الصور المثالية ، فإنَّ حديثنا سينقلب إلى تنظيرٍ لا واقع له ، كأنَّكَ تتحدث عن نظرياتٍ فيزيائيةٍ معقدةٍ لبسطاءَ لم يُـكملوا الابتدائية! ، وبالتالي فقد يتكون شعورٌ داخليٌ - إلى حد ما - يشير إلى استحالة أن يكون لتلك الأفعال واقعا تطبيقيا أصلا في حياة أغلب المسلمين ، والدليل على ذلك : أننا لا نكاد نسمع عن وجود أمثال هؤلاء ، وإذا سمعنا فمن مصدق على عجب ، ومن مكذب على فَـور ، فنخلص بلا فائدة .
الاهتمام بـ(دائرة الموجود) أزعمُ أنها طريقة قريبة من الناس ، إذ إنها تُلامِس نفسَ الأعمال التي يقومون بها ، فالمطالبة في هذه الدائرة ليس مطالبةً بشيء خارج عن مقدرتهم بل ليست خارجة عما يقومون به ، لذلك العمل عليها يؤدي إلى نتائج مرجوة مثمرة على الأجلِ القريب ، مع المواصلة والمجاهدة نستطيع - بإذن الله - أن ننتقل إلى (دائرة المفقود) بعد أن زاد وعينا بطاعتنا ، وشعرت نفوسنا بعظمة ربنا ومولانا ، حينها تستشرف النفس - بعد أن تم تربيتها على الالتزام - وتتطلع للمزيد ، لأن المزيد أصبح له معنى ؛ ومعناه : المزيد من القربِ من الله ، المزيد من الدنو ممن بيده ملكوت كل شيء ، المزيد من القرب من الإله الحق ، العليم القدير العلي العظيم ...
-------------------------------
«١» أقصد بها : القَدْرُ الذي يداوم عليه المسلمُ من الطاعات والقربات .
«٢» أقصد به : القَدْرُ الذي لا يقوم به المسلمُ من الطاعات والقربات .
-------------------------------
Nader Bawazir
١٤٣٤/١٢/٣هـ